تُعتبر سيارة كورولا من تويوتا اليابانية، واحدة من أهم وأنجح السيارات في تاريخ هذه الصناعة على الإطلاق، فيكفي القول بأن كل 40 ثانية أو أقل، هناك واحدة من الكورولا تباع في مكان ما من العالم، ويكفي أيضاً بأن نقول أن مبيعات الكورولا تجاوزت حد الـ 35.000.000 وحدة، لتكون السيارة الأكثر مبيعاً في العالم إلى الآن، ومن الصعب أن يصل إلى هذا الرقم أحد، خصوصاً وأنها ما زالت على قيد الحياة وتثبت جدارتها ونجاحها يوماً بعد يوم لتكمل مسيرة النجاح التي بدأتها لوحدها ولا أحد سواها، لذلك دعونا نتعرف على تاريخ هذه السيارة الرائعة الأصيلة والمتجددة، والتي ساهمت بشكل مباشر بإقحام تويوتا والسيارات اليابانية في قائمة السيارات ذات الاعتمادية والوثوقية العالية في مختلف الأسواق وأكثرها تطلباً للتميز.

يعود تاريخ كورولا إلى منتصف الستينات من القرن الماضي، عندما قرر أيجي تويودا (صانع أمجاد تويوتا ومؤسسها) إنتاج سيارة شعبية تحقق المطلوب منها، كسيارة عملية تستوعب عائلة من الحجم المتوسط وبمواصفات مثالية وسعر منافس جداً، خصوصاً وأن تويوتا وقتها كانت بحاجة لشيء جديد يميزها ويثبت وجودها، على الأقل في اليابان وآسيا، أمام منافساتها كنيسان (داتسون وقتها) مثلاً، والتي أطلقت قبلها بفترة وجيزة طراز ناجح من حجم الكورولا.

 

 

ولد الجيل الأول أو "E10" من كورولا، في تشرين الأول 1966، ودخل السوق اليابانية بقوة، وأثبت اعتماديته بسرعة وكان يتميز بأبعاده المدمجة إلى حد ما، كونه بُني على قاعدة عجلات بطول 2.286 مم وكان طول السيارة الإجمالي 3.848 مم، بينما زودت بمحركين صغيرين من سعة 1.1 لتر إلى 1.2 لتر، وبنظام دفع بالعجلات الخلفية. وتوفرت كورولا في جيلها الأول بثلاث نسخ من كوبيه ببابين وسيدان بأربعة أبواب إلى ستيشن واغن، وبدأت تويوتا بتصديرها إلى خارج اليابان بدءاً من أستراليا بنفس العام، بينما انتظرت عامين فقط لتدخل بها أسواق ما وراء البحار (الولايات المتحدة الأمريكية)، التي أصبحت ثاني أهم سوق بالنسبة لكورولا وتويوتا بعد اليابان. وفي نيسان 1970 أحالتها شركتها للتقاعد بعد أربعة أعوام ناجحة من بناء الثقة بين العملاء، لتستبدلها بالجيل الثاني.

 

 

غدا الجيل الثاني من الكورولا أكبر بحجمه وأبعاده، وأنضج وأحدث على صعيد التصميم، بخطوط منحنية ودائرية وراعى بشكل كبير الجودة والعملانية الداخلية، كما تم التركيز فيه على تحسين أنظمة التعليق وتطوير المحركات التي أضيفت إليها محركات بسعات 1.4 و1.6 لتر، وتوفرت كورولا بفئة الفان إضافة للفئات الثلاث السابقة، كما باتت كورولا توفر بتجهيزاتها خيارات متنوعة لشرائح مجتمعية متعددة، من الأساسية إلى السوبر ديلوكس.

 

 

في آب من العام 1974، أعادت تويوتا الكرّة واستبدلت كورولا بالجيل الثالث الجديد. وقد عادت تويوتا إلى اعتماد تصميم جديد وغير مرتبط بسابقه إلا بشيء بسيط لا يذكر، وكان ذلك بالأمر الطبيعي، فوقتها كانت السيارات عموماً تتمتع بتصاميم جريئة ومتمردة على موضة عصرها.

وكما هو مرسوم لها، سارت كورولا بجيلها الثالث بخطى ثابتة وواثقة، ورسخت اسم تويوتا بإخلاص خصوصاً في الولايات المتحدة بفضل اعتماديتها العالية وتوفيرها بالاستهلاك أمام الأمريكيات الشرهات للوقود. وشهد العام 1976 أعمال توسعة بإضافة نسخة هتشباك من ثلاثة أبواب وكوبيه نشيطة جديدتين، قبل أن يأتي دور التجديد الشامل بالعام 1979 مع الجيل الرابع. والذي كان آخر من استخدم نظام الدفع الخلفي، أما على صعيد التصميم فقد اعتمد على الخطوط الحادة والمنكسرة بشكل واضح وأصبح متأثراً بالغرب وأوروبة بالتحديد.

 

 

في العام 1980، بات الطلب على الكورولا يوازي العرض، بل ويتجاوزه في بعض الأسواق، لذلك وصل معدل إنتاجها اليومي وقتها إلى أكثر من 2.346 وحدة تقريباً.

فيما اعتبر الجيل الخامس أكثر شهرة وشعبية، بفضل تصميمه البسيط والأنيق والمرتبط بجذوره الآسيوية أكثر، كما أنه كان أول جيل للكورولا يستخدم نظام الدفع الرباعي (AWD) لبعض نسخه في أمريكا. وأثمر نجاحه إلى مبيعات تجاوزت 3.3 مليون وحدة منه خلال أربعة أعوام من إنتاجه بين 1983 و1987.

 

 

وكانت الأجيال الثلاثة اللاحقة السادس والسابع والثامن، تسير بثبات وتحافظ على نجاح الأجيال السابقة، بينما كانت تويوتا تضيف إلى كل جيل جديد، المزيد من الجودة والاعتمادية العالية وآخر ما توصلت له تقنياتها في مجال المحركات، أما على صعيد التصميم والهوية، حاولت الحفاظ على هوية الكورولا بين كل جيل والذي يليه، مضيفةً له الخطوط العصرية ليبقى على نفس القدر من المنافسة والحداثة أمام المنافسين...

 

"الجيل السادس"

"الجيل السابع"

"الجيل الثامن"

وفي العام 2000 قدمت تويوتا سيارتها الأنجح بجيلها التاسع الجديد، محاولةً إضافة المزيد من البريق لها وإحداث تغير ملفت عليها، فكان لها ذلك، فقد أصبح هذا الجيل الأكثر نجاحاً وتألقاً من بين الكورولا، وبات بشكله الجديد أكثر نضوجاً وحداثة وازدياداً في الأبعاد. وساعد انتشاره الكبير وتنوعه شكلاً ومضموناً حسب الأسواق المستهدفة، إلى تحقيقه هذا النجاح الكبير وتلك الشعبية العارمة بين العملاء، لذلك حافظت تويوتا على إنتاجها حتى العام 2008 لتكون الأطول عمراً أيضاً.

 

ومع طرح الجيل العاشر 2006 ووصوله إلى الأسواق مع العام 2007، باتت كورولا متأصلة وواثقة من نفسها بشكل لا نظير له، وتتمتع بتصميم حديث وواضح المعالم، يغلب عليه الخطوط الهادئة مع الأضواء الجديدة في الأمام والخلف ولمحة عامة من الشراسة البسيطة.

وباتت كورولا تستخدم قاعدة عجلات بطول 2600 مم، وتبلغ من الطول 4540 مم والعرض 1760 مم والارتفاع 1465 مم، وتستخدم محركات عديدة، من أبرزها والمتوفر في سورية بسعة 1.6 لتر وبقوة 106 حصاناً، ويتمتع بنشاط كبير واستهلاك اقتصادي...

 

وأخيراً، لنا أن نسأل من جرب الكورولا في أي جيل من أجيالها، ليجيبنا عن تساؤلنا، لماذا تويوتا كورولا السيارة الأكثر مبيعاً في العالم؟ والأكيد أنه سيجيبنا بعبارة بسيطة للغاية، وهي أن الكورولا كانت ومازالت تؤدي وظيفتها بأسهل طريقة ممكنة، وعلى أكمل وجه دون أي عناء معها ومع أعطالها أو مصروفها، فهي ما زالت تتبع منهجاً واحداً أساسه الاعتماد على البساطة للوصول إلى الهدف.

وبالنهاية مالنا إلا أن نشكر تويوتا على اكتشافها الرائع "كورولا"، فهذه السيارة يمكن تشبيهها بالجندي الياباني، الذي ولد بعد الحرب العالمية واحتل العالم بمفرده، وما زال يتربع على عرش السيارات في العالم.

 

خاص بموقع فنّات.كوم