يلاحظ زوار لبنان على الدوام عدد السيارات الهائل بالقياس إلى عدد السكان، والذي يطغى على الطرقات اللبنانية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن المدهش حقاً أن أغلب هذه السيارات من الفئات السياحية الفخمة، فيما لا تشكل سيارات النقل أو الشحن سوى نسبةٍ ضئيلة!

ويبدو أن سوق السيارات اللبنانية تخطت أزمة تراجع المبيعات والتي بدأت منذ عام 2005 على خلفية الأزمات السياسية والحوادث الأمنية، إذ حققت هذه السوق رقماً قياسياً في مبيعات 2008 والتي بلغت حسب إحصائيات جمعية مستوردي السيارات 35.418 ألف سيارة، منها 33.400 سيارة سياحية بنسبة نمو 76% عن عدد السيارات المباعة في العام 2007 فيما تجاوزت هذه النسبة 100% عن الأعوام 2006 و2005.

وبينما كانت السيارات ذات الفئات الكبيرة والأكثر استهلاكاً للوقود هي المفضلة عند الزبون اللبناني، تراجعت هذه الأصناف خلال حركة البيع في السنة الماضية، أمام ظهور توجه لدى المستهلكين المحليين بتفضيل السيارات ذات المحركات الصغيرة والأقل استهلاكاً للوقود، خاصة على ضوء أزمة الطاقة وغلاء النفط الذي طبع الأشهر الثمانية الأولى من العام المنصرم. وفيما يلي جدولٌ يشرح حركة بيع السيارات في لبنان خلال عام 2008 كما أعلنتها جمعية مستوردي السيارات:

من خلال مراجعة هذا الجدول يبدو أن السيارات الصينية لم تلقى رواجاً من قبل المستهلكين اللبنانيين خلال العام 2008، بل على العكس، فحسب إحصائيات لجمعية مستوردي السيارات تؤكد تراجع مبيعات السيارات الصينية بنسبة بلغت 23.53%، عن مبيعات العام 2007 ليبلغ عدد السيارات الصينية المباعة خلال تلك الفترة 13 سيارة فقط.

وكان لتسهيلات القروض المصرفية والمخصصة لشراء السيارات الأثر البالغ في زيادة حجم مبيعات السيارات، من خلال قيام اتفاقيات تعاون بين الوكالات الحصرية والمصارف مما أدى لتقديم عروض مغرية مثل، تقديم بوليصة التأمين للسنة الأولى مجاناً أو الإعفاء من الفائدة لمدة ستة أشهر أو عدم تقاضي دفعة أولى أو خفض الفائدة أو تمديد مهل الدفع وغيرها... مما جعل بعض المصارف اللبنانية تؤكد زيادة نسبة قروض السيارات لديها بنسبة 100% خلال العام الماضي!

ومن المؤكد أن هذا التحسن الهائل الذي طرأ على مبيعات السوق اللبنانية كان سيحقق طفرةً كبرى لولا الأزمة المالية، وما تردد من أخبار حول انهيار شركات السيارات في العالم، وعن حدوث انخفاضات كبرى في أسعار السيارات، الأمر الذي أثر على خيارات كثيرين في الشراء وأفضى بهم إلى التأجيل وانتظار تبعات الأزمة المالية على السوق، مما تسبب في تراجع مبيعات شهر كانون الأول عن شهر تشرين الثاني من العام الفائت بنسبة 14%.

وإذا كانت أخبار الأزمة المالية ترعب المصنعين والبائعين في قطاع السيارات في شتّى أنحاء الأرض، فإنها لا تزيد عن كونها اختباراً جديداً تدخله السوق اللبنانية لتخرج منه ظافرةً، من الحروب إلى الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية، إذ تؤكد كل الأرقام أنها تسعى لاختراق حجمها الجغرافي والسكاني الصغير، لتتبوأ موقعاً متقدماً في أسواق المنطقة، حيث كانت فنّات نشرت خبراً عن تصدر السوق اللبنانية مبيعات "جنرال موتورز" في المنطقة العربية، وها هي الآن تسعى لتكريس هذا التفوق لدى كل الماركات، ولا عجب أن بلداً سكانه لا يزيدون عن أربعة ملايين يتوزعون في مساحة 10.215 كم مربع لديهم 1.300 مليون سيارة!!

خاص بموقع فنّات.كوم