بحث
مجلة فنّات
وظائف شاغرة
اشتراك القائمة البريدية
  اسم المشترك:
  البريد الإلكتروني:
آخر فيديو السيارات

أبحاث ومقالات

مقاهٍ شعبية في سياراتنا المحلية!!

17-01-2009

 

عرف استخدام السيارات في المجتمع السوري مجالات جديدة لم تعهدها السيارة في أي بقعة أخرى في العالم، وتفرد السوريون في العمل على السيارة في فعاليات مهنية تتطلب محلات أو مواقع ثابتة، وهو شرط لا تحققه السيارة، إلا أن ذلك لم يمنع من انتشار سيارات تبيع مياه الشرب أو تشتري الأغراض القديمة والبالية أو تصنع السندويش، ولن يكون آخرها بيع المشروبات الساخنة والباردة.

في ظل غلاء أسعار المشروبات التي تبيعها المقاهي والمقاصف المحلية، بالمقارنة مع دخل المواطن العادي، ولأن الحصول على هذه المشروبات من هذه المقاهي يتطلب وقتاً من شأنه تأخير السائقين والذين يشكل سائقو وسائل النقل العامة نسبة محترمة منهم، كان لا بد أن تزدهر صناعة الشاي والقهوة والزهورات وغيرها على الأرصفة وعند التقاطعات وجوار المؤسسات والجهات العامة ومواقف انطلاق الباصات والسرافيس، وأصبح مألوفاً أن ترى كشكاً أو راكب دراجة هوائية يقدم للمشاة وللسائقين على حدٍ سواء ما يطلبونه من مشروبات ساخنة أو باردة، لكن اللافت كان دخول السيارات إلى هذه المهنة ونشوء ما يمكن تسميته مقاهي سيارات!.

ويثير بيع المشروبات من السيارة سؤالاً هاماً، حول السبب الذي يدفع سائقها إلى تفضيل هذه المهنة بدل العمل عليها كسيارة نقل، والتي من الثابت أنها ستحقق له دخلاً أعلى إلى جانب النظرة المعنوية السلبية السائدة تجاه العاملين في بيع الشاي والقهوة.

وفي إطار دراسة موضوع بيع المشروبات من السيارات التقت فنّات مع عدد من العاملين في هذه المهنة، وحصلت على جملة آراء كان حجم التنوع والتناقض فيها كبيراً وغير متوقع:

 

بيع المشروبات أسهل من العمل على السيارة!!

·     شادي 30 سنة موظف: أعمل في بيع المشروبات للزبائن والذين في أغلبهم من السائقين منذ حوالي الشهرين، عبر سيارة استأجرها زميلي في الوظيفة حيث أعمل موظفاً لدى الدولة إلى جانب عملي على السيارة خارج أوقات الدوام، الذي يؤمن لي يومياً من 400 إلى 500 ليرة، وهي حصتي من واردات بيع المشروبات وهو نفس المبلغ الذي كنت أتقاضاه عندما كنت أعمل سائقاً عمومياً في النقل أو في التاكسي مع تحمل جدال الزبائن المتعب وإرهاق الأعصاب، رغم أن بيع المشروبات من السيارة لا يخلو من المنغّصات، إذ تلاحقنا دوريات الصحة أحياناً وشرطة البلدية غالباً، التي تطالبنا على الدوام بترخيص لبيع مشروبات، غير أنه لا توجد أية جهة حكومية تعطي هكذا رخصة، وليتها تفعل، وأتمنى لو تتقاضى منا البلدية رسوماً جراء إشغال للرصيف وتعاملنا على قدم المساواة مع تجربة المواقف المأجورة، بدلاً من مخالفتنا من المرور على إشغال الأرصفة.

·  عزت 35 سنة أعمال حرة: مهنتي الأساسية بيع السندويش والشاي، وعندما توافر لدي مبلغ من المال منذ أربعة أشهر قررت شراء سيارة لتكون مقراً لي في العمل الذي أتقنه، ويؤمن لي مردوداً مادياً مقبولاً من جراء إقبال الزبائن الذين بعضهم سائقين والآخرين مشاة، لأنني اتخذ لسيارتي موقفاً في منطقة البرامكة التي تضم كلياتٍ جامعية وأسواقاً ومواقف سرافيس، وأحمد الله أنه لم تتعرض لي أي جهة حكومية بالمساءلة سواء كانت صحة أو محافظة، إلا أنني أتمنى لو تُحدد المحافظة لنا مواقع ثابتة نعمل فيها مما يتيح لنا تطوير عملنا ووضع كراسي للزبائن، مما قد يصبح أشبه بمقاهٍ على الرصيف علماً بأن السيارة التي اشتريتها يابانية موديل 76 وهي صغيرة لا تصلح للشحن، واستخدمها إلى جانب العمل في تأمين حاجاتي الشخصية وأضع عدة العمل فيها.  

 

أبيع الشاي والقهوة لأطعم بناتي!!

وإذا كان هؤلاء اختاروا العمل على بيع المشروبات في السيارات بملئ إرادتهم، فإن البعض أجبروا على اتخاذ هذه المهنة مورداً لرزقهم، لأسباب ودواعٍ مختلفة:

· منير 49 عام: أصبت منذ مدة بجلطة دماغية أدت إلى شلل في يدي اليمنى وعجز في قدمي اليسرى، وأصبحت بعدها عاجزاً عن القيام بعملي حيث كنت أعمل في الماضي سائقاً عمومياً، وبعد أن مكثت لفترة في البيت لم أتحمل إعالة أسرتي المؤلفة من زوجتي وثلاث بنات صغار من المساعدات والتبرعات، فلما جاءني مبلغ من المال ورثته من الأهل سارعت لشراء سيارة ميني فان مغلقة وجهزتها بخزانة حديد، لأضع فيها الأباريق والكاسات مع سخان الماء، ولو أن حالتي تساعدني لما عملت في هذه المهنة، لأن السائقين العموميين يتقاضون رواتب عالية في نقل السفر أو في الشحن، بينما في هذه المهنة أتعرض لملاحقة المحافظة التي تطلب مني ترخيصاً لتسمح لي بالعمل أو إغلاق السيارة والمغادرة، ورغم وضعي أغسل كل كأس جيداً قبل وبعد استخدامه وأجلي أباريق الماء كل يوم، لأنها المهنة التي تأكل منها بناتي، ويجب أن أحافظ عليها عسى أن تنظر الدولة لحالتنا وتسمح لنا بالعمل دون مضايقات.

·  أبو خالد 60 عام: عملت على مدى 40 عاماً في مطعم بنيته قرب بيتي لسائقي الباصات والتاكسي، حتى قامت المحافظة قبل 5 أشهر بهدم البيت والدكان وأعطتنا تعويضاً وقالت لنا اذهبوا من هنا، فقمت بتحويل سيارة ابني إلى محل متنقل أبيع فيه مختلف المشروبات الساخنة ومختلف أنواع البسكويت والشوكولا، ثم أن عمري لا يتيح لي أن أعمل في النقل الذي يتطلب جهداً عضلياً في العمل والتحميل، وأنا أعمل هنا وحيداً تحت البرد والرياح والمطر، لأن أبنائي شباب في مقتبل العمر يخجلون من مزاولة هذه المهنة، فيما البلدية والمحافظة تجبرني على الإغلاق والرحيل كلما مرت دورياتها من هنا، وتغض بصرها عن "المدعومين" ممن يمارسون نفس المهنة، حيث جاءني أحدهم مهدداً إياي بأنه سيسلط دوريات المحافظة علي لأني أبيع كاسة الشاي بخمس ليرات، مما يؤدي لانفضاض الزبائن عنه لأنه يبيعها بعشرة! وأنا أتوجه عبركم للمسؤولين مناشداً إياهم أن ينظروا لوضعي أنا وأمثالي، ويعطوننا الرخصة لنقطع دابر من يضايقنا ويحاربنا في رزقنا.

يمثل ضغط الحاجة والرزق أكبر الأسباب التي تدفع الإنسان للحركة والاجتهاد حتى يكسب قوت يومه ويؤمن معيشته، وإن كان البعض لا يقيم اعتباراً لمن يعملون في بيع الشاي والقهوة، فإنه يتوجب عليه معرفة الظروف التي جعلتهم ينظرون إلى هذه المهنة كخيار وحيد للاستمرار في الحياة، وربما أفضل من اكتساب الرزق بوسائل أخرى.

إن وضع من يبيع المشروبات من سيارة سيء في كثير من الأحيان، وحريٌ على الجهات المسؤولة أن تدرس وضع هؤلاء وتؤمن لهم المساعدة الممكنة، عبر تنظيم هذه المهنة ووضع شروط لمن يرغب بمزاولتها، وذلك أفضل بكثير من ممارسة لعب القط والفأر بين دوريات مؤسسات الإدارة المحلية وبين باعة الشاي والزهورات.

 

خاص بموقع فنّات.كوم


كم نجمة تعطي لهذه المقالة؟
نتيجة التقييم:   عدد المشاركين بالتقييم: 4
عدد التعليقات: 2
 لا مانع
لا مانع من هذه هذه المهنة و يمكن تطويرها ايضا لكن يجب مراعات الشروط الصحية مثل استعمال الأكواب الكرتونية وحيدة الاستعمال
محمدن 25-05-2010 21:00
 شكرا فنات
شكرا فنات على هذه المقالة فانتم لا تهتمون فقط بالسيارات وشؤنها , بل تهتمون ايضا لاصحابها , وهذه ليست المقالة الاولى التي تنشرونها وتسلط الضوء على الجانب الانساني لمالكي السيارات والله ان هذه المقالة قد احزنتني لما يعاني منه بعض الناس في بلدنا العزيز من عوز و فقر ومع هذا هم يفضلون اللقمة بعرق الجبين , ويحزنني كيف انتشر الفساد عند بعض القيمين على مصالح المواطن فاصبحوا يكيلون بمكيالين , ورأيي ان استخدام السيارات كمحلات متنقلة امر عادي وليس فيه اي مظهر غير حضاري ,ففي اميركا يبيعون المثلجات بسيارات
نضال 17-01-2009 20:46
 
أرسل لصديق طباعة
 
 

Copyright ©2006 fannat.com All Rights Reserved. Designated trademarks and brands are the property of their respective owners. Use of this Web site constitutes acceptance of the fannat.com User Agreement and Privacy Policy.